“صفقة على حساب القضية”: مكالمات مسرَّبة تفضح عفاش.. 300 مليون سعودي ثمناً للتخلي عن “قضية فلسطين” واتهام حماس بخدمة العدوان على غزة
كشفت قناة المسيرة، في وثائقي جديد يحمل عنوان “صفقة على حساب القضية”، عن معلومات خطيرة تُنشر لأول مرة تتعلق بسلوك نظام علي عبدالله صالح خلال الفترة (2005 – 2009م)، مستندةً إلى مكالمات هاتفية ووثائق رسمية تميط اللثام عن حجم التواطؤ السياسي في ملفات فلسطين والقمة العربية والعلاقة مع السعودية وأمريكا.
الوثائقي عرض تسجيلًا هاتفيًا غير مسبوق جرى في 28 ديسمبر 2009م بين علي عبدالله صالح (عفاش) ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس آنذاك خالد مشعل، بعد يوم واحد فقط من بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة أواخر 2008–2009م.
وبحسب ما ورد في المكالمة، فإن مشعل كان قد بادر بالاتصال عقب دعوة صالح لعقد قمة عربية فورية لبحث العدوان، غير أن مضمون الحوار كشف تباينًا حادًا في الموقف بين قيادة حماس، التي كانت تحت القصف، ونظام صنعاء آنذاك.
خلال المكالمة، طلب خالد مشعل صراحةً أن يتركّز أي تحرك عربي، سواء عبر القمة أو الاتصالات الدولية والإقليمية، على وقف العدوان ورفع الحصار عن غزة، لكن ردّ عفاش جاء صادماً، إذ قال:
“لنا ملاحظات حول المسبّب للعدوان… صواريخ حماس مضرة بالشعب الفلسطيني”
واتهم عفاش حماس بأنها “تطلق الصواريخ من أجل أن تجد إسرائيل مسببات لضرب الشعب الفلسطيني”، مطالباً القيادة الفلسطينية المقاومة بأن “توقف ضرب الصواريخ على إسرائيل”، وحمّلها مسؤولية استمرار الغارات والمجازر بحق الفلسطينيين.
في المقابل، جاء ردّ مشعل واضحاً وحاداً:
“بالنسبة لموضوع الصواريخ، هل تقبل أن يعيش أهل قطاع غزة تحت الحصار؟”
وأوضح أن تحميل حماس مسؤولية إنهاء التهدئة مجافٍ للحقيقة، متسائلاً:
“هل عرضت مصر علينا أن تستمر التهدئة وتُفتح المعابر، بما فيها معبر رفح؟ لا”
كما شدد على أن إسرائيل ومصر كانتا تريدان تهدئة مع استمرار الحصار، وهو ما لا يمكن القبول به، مضيفاً:
“إسرائيل، ومصر تعلم هذا، تريد استمرار التهدئة مع استمرار الحصار، من يقبل هذا؟”
وفي سياق الضغط، استشهد عفاش بتصريحات الناطق باسم جيش العدو الصهيوني قائلاً:
“الناطق باسم الجيش الإسرائيلي قال إن هذه الساعات الأخيرة من الإنذار، يعني أنتم لا تفهمون الرسائل؟”
فجاء رد مشعل:
“أمريكا لن يخرج منها إلا الظلم والعدوان، نحن لا نتوقع منها خيراً”
مؤكداً أن الحل يكمن في فتح المعابر ورفع الحصار:
“نصرّ على أن تفتح المعابر بما فيها معبر رفح ويُرفع الحصار، إن حصل هذا فكل الشعب الفلسطيني، بما فيها غزة، لن يعترض على التهدئة”.
الوثائقي لم يقتصر على مكالمة عفاش–مشعل، بل كشف أيضاً مكالمة هاتفية ثانية جرت في 25 مارس 2008م بين علي عبدالله صالح ومستشاره السياسي عبدالكريم الإرياني، عقب عودة صالح من زيارة قصيرة إلى الرياض إثر استدعائه من قبل الملك السعودي عبد الله بن عبدالعزيز على خلفية إعلان صالح نيته المشاركة في القمة العربية في دمشق (29 مارس 2008م).
في المكالمة، ينقل عفاش عن الملك السعودي قوله إن “قمة دمشق مؤتمر إيراني وليس عربياً”، ويؤكد أن الملك رفض بشكل قاطع مشاركته في القمة رغم محاولات الإقناع. ويُسمع عفاش وهو يقول للإرياني:
“الملك عبدالله ضاغط ضغطة جامدة بينك وبينك، فنِشتي نفكر شوية”
الأخطر من ذلك أن الوثائقي يكشف اعترافاً صريحاً من عفاش، خلال ذات المكالمة، بـ استلام 300 مليون من ملك السعودية مقابل عدم المشاركة في قمة دمشق، ليرد الإرياني على ذلك بسخرية لاذعة:
“يستاهل السفر”
ويتابع عفاش:
“الملك عبدالله حامي ولا عاد رضي فوق أحد، فاحنا قلنا نشوف الموضوع ونوازنها.. لكن الملك حاقد الصدق”
هذه التسريبات، كما يقدمها وثائقي “صفقة على حساب القضية”، ترسم صورة نظام قدّم حساباته الخاصة وعلاقاته مع الرياض وواشنطن على حساب القضية الفلسطينية ومصالح الأمة، وحوّل الموقف من غزة والقمة العربية إلى ورقة مساومة وابتزاز سياسي ومالي.
بهذا، لا يكشف الوثائقي مجرد تفاصيل عن مكالمات خاصة، بل يقدّم إدانة موثقة لنهج سياسي كان يتعامل مع فلسطين كورقة تفاوضية، ومع القرار الوطني كورقة للبيع والشراء، ومع المال السعودي كـ”ثمن” للتخلي عن الموقف العربي في قمة دمشق!
لتبدو التسمية أكثر دقة: ليست مجرد “صفقة على حساب القضية” فحسب، بل نموذج لأنظمة باعت الموقف والمبدأ معاً، ودفعت بالقضية الفلسطينية إلى طاولة المساومات الإقليمية والدولية.
|